تفاصيل أغرب عملية تزوير لمقبرة آثار فرعونية في مصر
أثار قيام مجموعة من المزورين المصريين بحفر وإنشاء مقبرة مزيفة في منطقة صحراوية وتقديمها إلى مجموعة من تجار الآثار باعتبارها مقبرة فرعونية تمثل محتوياتها الثمينة حقبة قديمة من تاريخ مصر، أثار إعجاب واستنكار نشطاء ومواقع التواصل الاجتماعي في الوقت ذاته، بعد أن اضطروا الأمين العام للمجلس الأعلى للأثار والمدير العام لأثار بني سويف ولفيف من علماء الأثار في مصر، للذهاب بأنفسهم لفحص المقبرة، نظرا لدقة الرسومات الفنية، ومهارة المحتالين في عملية التزوير، والابتكار في الفكرة.
وعثرت أجهزة الأمن المصرية في محافظة بني سويف، على ثلاثة سراديب تحت الأرض وغرفة تحوي قطعاً أثرية مقلدة، بينما تم رسم نقوش فرعونية على جدرانها لإيهام تجار الآثار بأنها مقبرة فرعونية حقيقية.
في البداية، وردت معلومات لأجهزة الأمن بتردد مجموعة من الأشخاص على منطقة جبلية في قرية الحيبة بمركز الفشن، بمحافظة بني سويف، وبعد التحريات تبين وجود ما يمكن أن يكون مقبرة فرعونية، وبعد مداهمة المكان والتحفظ عليه أمرت النيابة العامة بتشكيل لجنة من خبراء الآثار لبحث محتويات المقبرة، لكن اكتشفت اللجنة أن الآثار مقلدة ومعظمها من منطقة خان الخليلي وسط القاهرة.
وقال الأمين العام للمجلس الأعلى للآثار في مصر مصطفى الوزيري، إن المقبرة المزيفة كانت تضم تابوتاً من الجبس وتماثيل مصنوعة يدوياً وكميات من السبائك المطلية بالذهب مصنوعة من الجبس وأشكالاً تشبه تماثيل الحضارة المصرية القديمة، للنصب على الطامعين في تجارة الآثار.
وأضاف الوزيري في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إنه دخل المقبرة المزيفة بعد تلقى النيابة العامة بلاغاً في شأنها، وبفحصها وجد أنها مجهزة بشكل يشبه المقابر المصرية القديمة، وجميع الرسومات داخلها منقولة من الكتب الفرعونية، مشيراً إلى أنه تم اتخاذ الإجراءات اللازمة وإعدام جميع محتويات المقبرة المزيفة، ومازالت النيابة العامة تجري التحريات للتعرف على المتهمين وضبطهم بتهمة التدليس، بينما لن يتم توجيه تهمة الاتجار في الآثار إليهم نظراً إلى عدم وجود آثار أصلية في المقبرة.
وقال المدير العام لآثار بني سويف ورئيس لجنة الفحص التي توجهت للمقبرة المزيفة عمر ذكي، في تصريحات لصحيفة “اندبندنت عربية” إن هذا النوع من جرائم النصب شائع، إذ يتفنن المزورون في تقليد القطع الأثرية ودفنها في أماكن تحت الأرض لأكثر من أربع أو خمس سنوات، ثم يقومون بإضافة بعض المواد عليها لمنحها الصبغة الأثرية، وبالتالي تبدو بالنسبة إلى الناس العاديين أو أولئك الذين يبحثون عن الثراء السريع قديمة أو أثرية، لكن المتخصص في الآثار يتعرف عليها بسهولة.
وعثر في المنيا بجنوب مصر قبل نحو 10 سنوات على مغارة في حضن الجبل تحتوي قطعاً أثرية كثيرة مغطاة بالرمل والتراب لإيهام المشتري أنها أصلية، لكن بفحصها تبين أنها مقلدة وليست أثرية.
وأشار ذكي، إلى أن عمليات النصب السابقة لم تتخذ مثل هذا الشكل المتطور من إنشاء مقبرة بالكامل وتمهيدها وإضافة الرسوم على الجدران وتلوينها، إذ إن تجهيز ونحت مقبرة مثل تلك التي عثر عليها في الفشن يتطلب عملاً لا تقل مدته عن عامين.
وعلق العشرات من نشطاء مواقع التواصل، على صور المقبرة ومهارة الرسوم على جدرانها، وسخر بعضهم: “اكتشاف مقبرة أثرية ضخمة يرجع تاريخها لعام 2022″، و”متخليش حاجة توقف طموحك واعمل زي إخواتنا فنانين بني سويف، فكروا بره الصندوق”.
وقال أخر “مجموعة شباب مجتهد من محافظة بني سويف الشقيقة قعدوا سنة كاملة يعملوا مقبرة فرعونية تحت الأرض بكل ما يلزمها من سراديب ودهاليز، ومش بس كده دول (هؤلاء) لونوا الجدران ونقشوا عليها رسومات فرعونية، واشتروا شوية تماثيل مقلدة لحد ما طلعوا تحفة فنية متفرقهاش عن أي مقبرة فرعونية حقيقية”.
وكتب أحدهم “الغريب أن أمين المجلس الأعلى للآثار بنفسه راح (ذهب) يعاين المقبرة بسبب دقة تقليدها الرهيب. دماغ ألماظ (ذكية)، والفراعنة عملوا حضارة في 7000 سنة والعالم مبهور بها، رجالة بني سويف عملوا الحضارة دي كلها في سنة واحدة، مقبرة تحت الأرض وشوية رسومات بـ 20 جنيه وشوية تماثيل من العتبة (حي شعبي بالقاهرة) الواحد بـ5 جنيه، وكام تابوت عند النجار، وبقي يجيبوا تجار الآثار وينزلوهم المقبرة ويبيعوا الحاجة (المضبوطات) على إنها أصلية”.