زلزال تركيا يضاعف مأساة السوريين.. مشردون في الشوارع وجثث تحت الأنقاض ولا مغيث لهم
كتب – شريف الزين
كشف تقرير صحفي من شمال سوريا، حجم المأساة التي يتعرض لها السوريون، نتيجة الزلزال التركي، الذي أسفر عن وفاة ما يقرب من 4 آلاف قتيل، وإصابة 15 ألف، بعدما انطلق الزلزال من كهرمان مرعش التركية، وضرب جزءا كبيرا من الأراضي التركية في الجنوب والسورية في الشمال.
وأضاف التقرير الذي عرضته “قناة الحرة” عن مأساة السوريين، أنه بالرغم من أن حجم الزلزال وخطره كان أكبر في الأراضي التركية، وبالرغم من أن الشمال الغربي لسوريا اعتاد على “الكوارث” على مدى سنوات، إلا أن تلك التي حّلت عليه فجر الاثنين كان لها وقع خاص، في ظل نقص الإمدادات والمعدات في الشمال السوري، نتيجة ظروف الحرب التي كان يعيشها السوريون، وبينما كانت “المأساوية والفواجع” حالة ترتبط سابقا بمن كان يقيم في الخيام تحت جدران قماشية ممزقة توسّعت دائرتها لتشمل الجميع، ليتحول أولئك القاطنين بين جدران اسمنتية، بفعل الزلزال إلى مدافن.
وبالرغم من الاستغاثات التي يوجهها السوريون لإنقاذ ذويهم من تحت الأنقاض، ومع ذلك يجد المسعفون صعوبة في إدخال الإمدادات لسوريا، ولم تنقطع الدعوات عبر مواقع التواصل الاجتماعي لسوريين مقيمين داخل البلاد وعلى أطلالها في الطرف الآخر (ولاية هاتاي).
و سجّلت فرق الدفاع المدني السوري “الخوذ البيضاء” أكثر من 1000 وفاة في مناطق إدلب وريف حلب، ولا تزال الأرقام المذكورة الخاصة بالضحايا أولية وحصيلة غير نهائية، وما بين الساعة والأخرى تحدّث السلطات الصحية والرسمية بياناتها، وسط توقعات من تضاعف الوفيات في الساعات المقبلة، ولاسيما أن أعمال الإنقاذ وإخلاء الضحايا والجرحى لم تنه بعد اليوم الأول من الكارثة، التي ضربت بتداعياتها أيضا مناطق سيطرة النظام السوري في سوريا.
وتحدث شهود عيان من مدينة إدلب وعمال إغاثة عن أوضاع مأساوية في شمال غرب سوريا “لا يمكن وصفها”، مشيرين إلى حارات بأكملها في محافظة إدلب باتت على الأرض، وعوائل مشردة في الشوارع لا تعرف إلى أين تتجه، وأطفال بعمر الورد مازالوا تحت الأنقاض بينما يصرخ ذويهم على أسرّة المشافي مكسري الأيدي والأرجل.
وفي حين ضرب الزلزال المدمر، الذي قالت هيئة “الكوارث والطوارئ التركية” (آفاد)، إن قوته بلغت 7.7 درجة وسط وجنوب تركيا بالإضافة إلى مدن وبلدات الشريط الحدودي مع البلاد من الطرف السوري، إلا أن النصيب الأكبر من الضرر تركز في مناطق بعينها، مما خلّف حصيلة ضحايا ودمار على نحو أكبر.
وذكر “الدفاع المدني السوري”، الذي يعمل في مناطق سيطرة فصائل المعارضة في محافظة إدلب وريف حلب، إن حصيلة الضحايا ارتفعت، مساء الاثنين، إلى أكثر من 1000 حالة وفاة وأكثر من 5000 مصاب.
وقال الفريق الإنساني في بيان: “فرقنا تعمل بأقصى الطاقة لانتشال العالقين تحت الأنقاض والعدد مرشح للارتفاع لوجود مئات العوائل تحت الأنقاض، وسط صعوبات كبيرة والحاجة لمعدات ثقيلة للإنقاذ والتوزع سوريا”.
وأضاف: “هناك صعوبات كبيرة والحاجة لمعدات ثقيلة للإنقاذ والتوزع الجغرافي الواسع للأبنية المنهارة التي يزيد عددها عن 133 مبنى منهار بشكل كامل و 272 بشكل جزئي وآلاف المباني التي تصدعت في كامل شمال غربي سوريا”.
المأساة مضاعفة بين كارثتين
ويقول التقرير إن الزلزال المدّمر ليس الكارثة الوحيدة التي حلّت فجر الاثنين على تركيا وسوريا، بل جاء بالتوازي مع كارثة أخرى كانت قد سبقته بساعات. وبينما كان المدنيون يترقبون تداعيات العاصفة الثلجية في كلا البلدين، التي صدرت الكثير من التحذيرات بشأنها سرعان ما وجدوا أنفسهم في مواجهة الموت داخل المنازل.
وشهدت مدينة غازي عنتاب وباقي المدن الجنوبية الأخرى التي ضربها في تركيا خلال الأيام الماضية عاصفة ثلجية أسفرت عن قطع الكثير من الطرقات، ودفعت السلطات لإصدار قرارات بتعطيل دوام المدارس، فيما نبّهت على المواطنين بعدم الخروج من المنزل.
وكذلك الأمر بالنسبة للمناطق الشمالية من سوريا الخاضعة لسيطرة فصائل المعارضة، والتي كان الملايين من النازحين فيها يترقبون تداعيات العاصفة القادمة، لينضم إليهم فئات السكان الأخرى، بعدما قضى قسم منهم تحت الأنقاض، وأجبر آخرون على ترك مسكنهم، خوفا من الموت تحت الأسقف والجدران.
ويكشف فريق الدفاع المدني السوري، خلال تغريدات على تويتر مدعومة بصور ومشاهد كشفت العديد من المباني سويت بالأرض في ريف إدلب الشمالي، وهناك عدد كبير من العوائل تحت الأنقاض وأعداد كبيرة من المتوفين والمصابين. في الثانية نقوم بانتشال شخص على قيد الحياة أو شخص متوفي”.
وأصدر “المنتدى السوري” الذي يضم مؤسسات من بينها إغاثية وإنسانية بيانا جاء فيه إن “الشمال السوري منكوب منذ سنوات، وعقب الزلزال تضاعف حجم الكارثة بعد سقوط عشرات الأبنية في لحظة واحدة، والناس نيام”.
وقال البيان: “الآن جميع المشافي غير قادرة على استيعاب أعداد الجرحى، وفرق الإنقاذ تعمل بكل طاقتها الاستيعابية، دون الوصول إلى جميع الضحايا والعالقين تحت الأنقاض”.
ويعيش أكثر من 4.8 مليون شخص في شمال غرب سوريا في الوقت الحالي وسط البرد والخوف، إزاء العواصف الثلجية والزلازل، بينما “الاستجابة لهم تحتاج للدعم الدولي وتكاتف المنظمات الإنسانية في أسرع وقت ممكن”.
غياب الدعم الدولي
ورغم مناشدات أطلقتها منظمات إنسانية خلال الساعات الماضية بضرورة التدخل السريع شمال سوريا، ولاسيما أن آلاف العائلات “ستبيت في الشوارع”، بسبب انهيار مسكنها أو خوفا من العودة إلى الأبنية المتصدعة، في وقت يتفاقم فيه الوضع الإنساني بالفعل، حيث باتت آلاف العائلات بلا مأوى وتكافح من أجل البقاء في درجات حرارة الشتاء المنخفضة، والعواصف الثلجية والمطرية التي تشهدها المنطقة منذ أيام ولا تزال مستمرة، ومع ذلك لم يظهر أي مساعدات دولية بسبب الأزمة التي يعيشها السوريون مع النظام.
ووفق “الدفاع المدني السوري” هناك عراقيل تشوب عمل فرقه، من بينها التوزيع الجغرافي الواسع للزلزال وما نتج عنه من أضرار في جميع أنحاء شمال غربي سوريا، وتركز أكبر عدد من الأضرار في إدلب وسرمدا وجسر الشغور وحارم وسلقين والدانا والأتارب وترمانين وأطمة وجندريس واعزاز وعفرين في ريف حلب.
كما لحقت أضرار مادية بمبانٍ ومخازن ومعدات الفريق الإنساني، مشيرا إلى “حاجة ماسة إلى معدات بحث وإنقاذ إضافية ومعدات ثقيلة وقطع غيار ووقود”.
ووصف مدير الصحة في إدلب، الدكتور زهير القراط، الأوضاع الحاصلة بـ”الكارثية والصعبة”، ويقول إن عدد كبير من الإصابات ما تزال تحت الأنقاض، ومعظم المشافي امتلأت في مناطق سلقين وأطمة وحارم بريف إدلب وجنديرس التابعة لعفرين شمال غربي حلب، بينما يتم نقل الإصابات الجديدة إلى مشافي المناطق المجاورة.
ويضيف القراط أنه من الممكن أن تتضاعف أعداد الإصابات في الساعات المقبلة.
ويشير عبد الرزاق زقزوق، الإعلامي في منظمة “سامز” الطبية، إلى أن “الوضع كارثي بشكل كبير في القطاع الطبي”، وأن عدد الإصابات الحاصلة “يفوق قدرة الكادر” في المنشآت الطبيعة التابعة للمنظمة.
ويقول لموقع “الحرة”: “جميع الكوادر الطبية مستنفرة لكن عدد الإصابات كبير. الكوادر تعمل لكي تستوعب، وتعمل على تحويل الإصابات ضمن مشافي المنطقة، حسب الضغط الحاصل بكل مشفى على حدى”.
“نحاول السيطرة على الوضع وتقديم أقصى ما لدينا لمساعدة المصابين”، ويضيف: “الضرر الأكبر حصل في مدينة الأتارب بالإضافة إلى قرية بسينا بين حارم وسلقين وسرمدا أيضا. هذه المناطق الأكثر تضررا، إضافة إلى المناطق الأخرى في شمال غرب سوريا”.