مقالات

 ليلة الإسراء والمعراج ليلة غسلت فيها أحزان الحبيب “صلى الله عليه وسلم”

الرحلة المحمدية في اللا زمن

 

بقلم الأستاذة الدكتورة :شمس راغب

ليلة الإسراء والمعراج ليلة غسلت فيها أحزان الحبيب “صلى الله عليه وسلم” – بعد
عام الحزن ، اللهم كما جعلتها ليلة دخول الفرح والسرور على قلبه الشريف – صلى
الله عليه وسلم – بعد أن طال حزنه ، فاجعلها ليلة فرح وسرور على أمته ، واجعلها
نهاية لكل حزن
وألم يسكن قلوبنا وبداية لجبر خواطرنا بعد طول انتظار .
• قال تعالى : ” سبحان ألذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد
الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير ” سورة الإسراء
مكية الآية ١ .
• كان لابد من منهج يذكر الإنسان بربه ، ويبين له الطريق المستقيم
ومن هنا كانت الكتب السماوية وكان إرسال الرسل . فالرسالة السماوية تكليف
بالتبليغ لبني آدم . والدعوة تقتضي التطبيق من
الداعي ليكون قدوة لمن يدعوهم ولا يمكن أن تتحقق القدوة إلا
إذا كان الرسول من جنس المرسل إليهم .
• ولذلك يقول الله ” تبارك وتعالى ” لرسوله صلى الله عليه وسلم مرشدا وموجها : “
قل سبحان ربي هل كنت إلا بشرا رسولا ” الإسراء ٩٣ .
• ولكي يقتنع الإنسان بما يدعو إليه الرسول لابد من أشياء تثبت
صدق الرسول ، ومن ثم كانت المعجزات.
• المعجزة هي دليل صدق الرسول وهي أمر لايمكن أن يفعله بشر ،
لأنه خارج قدرته ، فهي من الله قال تعالى : ” قلنا يا نار كوني بردا وسلاما على
إبراهيم . وأرادوا به كيدا فجعلناهم الأخسرين
الأنبياء ٦٩- ٧٠
• وينبغي الإشارة إلى أن هناك فرقا بين المعجزات المحمدية ومعجزات الأنبياء
الآخرين ، فمعجزة الرسول صلى الله عليه وسلم
الكبرى هي القرآن الكريم . ومن ثم فالمعجزة هي المنهج التشريعي
المرسل به الرسول ، لتقوم ما فسد ، وهذا ما لانجده في معجزات
الأنبياء الآخرين ” عليهم جميعا السلام “
• فمعجزة رسول الله موسى عليه السلام ، كانت العصا ، وإخراج يده
من جيبه بيضاء من غير سوء ، أما منهجه فكان التوراة ، ولكي يكون الإقناع كاملا ،
لابد أن تكون المعجزة من جنس ما نبغ القوم
فعلى سبيل المثال نبغ قوم موسى في السحر ، فلذلك كان إعجاز
سيدنا موسى من نفس ما نبغ قومه فيه ، ولكنه ليس بسحر ، بل
شيء يفوق قدرة البشر ، والدليل على ذلك أن السحرة سجدوا لله
فيه ، ولكنه ليس بسحر بل شيء يفوق قدرة البشر ، والدليل
على ذلك أن السحرة سجدوا لله عندما رأوا معجزة موسى عليه السلام .
•وكانت معجزة سيدنا عيسى عليه السلام من جنس ما نبغ فيه قومه
وهو الطب ، فكان عيسى عليه السلام يبريء الأكمه والأبرص ويحي
الموتى بإذن الله. وقد تكون المعجزة خروجا عن قانون كوني موجود
بمعنى أن القانون يعطل ، كما حدث لسيدنا إبراهيم عليه السلام
فقد ألقى في النار ولم تحرقه بإذن الله •
• معجزة لاتنتهي :
• ولما كان القرآن الكريم كتابا معجزا في أي مكان وفي أي زمان
ولأي شخص ، فهو يعطي كل مكان حسب علمه ، وكل زمان حسب
ثقافته ، وكل شخص وفقا لقدرته العقلية ، وهذا هو الفرق بين
المعجزات المحمدية ومعجزات الأنبياء الآخرين ، فمعجزاتهم حدثت وشهدها أقوام
محدودون ، ثم انتهت بينما معجزة القرآن
لا تنتهي .
• ومن المعجزات الحسية المحمدية معجزة الإسراء والمعراج والتي
أسرى فيها برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم من المسجد الحرام بمكة
المكرمة إلى المسجد الأقصى ببيت المقدس ، ثم عرج
به إلى السماوات العلا وما فوقهن ، ثم رجوعه من ليلته وذلك تخفيفا عن نفسه عما
لاقاه من إيذاء قريش وإزالة الحزن من نفسه
لفراق عمه وزوجته خديجة رضي الله عنها ، وبذلك كانت رحلة الإسراء والمعراج .
• وقد جادل الكثير من أهل الباطل في رحلة الإسراء والمعراج بل
وحاولوا أن يشككوا في صدق هذه الرحلة ليس الآن فقط بل وقت
حدوثها أيضا، فقد كذبت قريش رسول الله صلى الله عليه وسلم لما
أخبرهم أنه أسري به ليلة أمس من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى ثم عرج
به إلى السماوات العلا ثم رجع وكل ذلك فيجزء من الليل •
• ويقول العلماء في عصرنا الحديث : ” ألم يكن الله تعالى قادرا على
العروج برسوله إلى السماوات العلا مباشرة ؟ نعم فالله قادر وله
سبحانه القدرة المطلقة والله يتصف باللاحدود والمخلوق يتصف
بالحدود . وصعب على المحدود أن يدرك أمر اللامحدود ، ومن ثم
كان لابد من مرحلة تمهيدية تمثل مقدمة ، حتى يقتنع المحدود ،
ومن ثم كانت رحلة الإسراء مقدمة لرحلة المعراج .
• وقد أخبرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أسري به ووصف
لهم ما وصف ، وكانوا على يقين من صدق وصفه لأن أكثرهم رأى
المسجد الأقصى ، وقد أخبرهم رجال القافلة بما حدث معهم مما
يؤكد صدق ما قاله ، والصادق لا يكذب ، فما دام رسول الله- صلى الله عليه وسلم –
صدق في رحلة الإسراء فهو صادق لاشك في رحلة المعراج “
• القدرة والزمن :
• وعن كيفية الإسراء والمعراج برسوله الله صلى الله عليه وسلم ثم عودته في جزء
بسيط من الليل ، بالتأكيد إن حدوث الحدث يقترن
بقدرة المحدث والقدرة من الناحية العلمية ترتبط بالزمن وبالتعبير الرياضي فإن
القدرة = المعدل الزمني لبذل الشغل “
• إذا الزمن يتناسب تناسبا عكسيا مع القدرة..بمعنى أن القدرة كلما
زادت قلت قيمة الزمن ، فلو كانت القدرة متناهية في الكبر يكون
الزمن متناهيا في الصغر ، أما لو كانت القدرة المحدثة لحدث ما
هي قدرة موجد الزمن ” الله ” فإن الحدث يتم في لازمن ، والحق تبارك وتعالى
أحدث هذه الرحلة في زمن بسيط بالنسبة لنا
لكنه بالنسبة لله لا زمن لنقتنع ، لأن عقلنا لا يسمح لنا بتقبل الأحداث اللا زمنية .
• وبتقدم العلوم ورحلات الفضاء والانتقال من كوكب إلى آخر
بسفن الفضاء لم يعد هناك أدنى شك في حدوث رحلة الإسراء والمعراج ، فإذا كانت
قدرة البشر قد أتاحت لهم الانتقال في الفضاء وهم ذو قدرة محدودة ، فما بالنا بقدرة
خالق هذا الإنسان؟!
قال تعالى : ” يامعشر الجن والإنس إن استطعتم أن تنفذوا من أمطار السموات
والأرض فانفذوا لا تنفذون إلا بسلطان ” سورة
الرحمن ، مدنيةالآية : ٣٣ لا ينفذون إلا بقوة الله .
•اللهم اشف مرضانا وارحم موتانا وافتح لنا أبواب رحمتك وخزائن خيرك ، اللهم كما
غسلت أحزان نبينا- صلى الله عليه وسلم- اغسل
أحزاننا واجبر خواطرنا . اللهم آمين يارب العالمين وصلاة وسلاما على سيدنا محمد
وعلى آله وصحبه أجمعين.
• سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم “

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى