مقالات
لماذا تم تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام ؟
بقلم :الدكتورة شمس راغب
الحمدلله رب العالمين وصلاة وسلاما على سيدنا محمد وعلى
آله وصحبه أجمعين . –
وبعد – :
• شهدت ليلة النصف من شعبان حدثا في غاية الأهمية في
تاريخ الأمة الإسلامية و هو تحويل القبلة من المسجد الأقصى
في القدس الشريف إلى الكعبة المشرفة في مكة المكرمة .
• ظل المسلمون طيلة العهد المكي يتوجهون في صلاتهم إلى
المسجد الأقصى امتثالا لأمر الله – تعالى – الذي أمر باستقباله
وجعله قبلة للصلاة .
• وفي تلك الأثناء كان رسول الله يمتثل للحكم. الإلهي وفي
فؤاده أمنية كبيرة طالما راودته ، وتمثل. في. التوجه إلى الكعبة
بدلامن المسجد الأقصى ، ذلك لأنها قبلة إبراهيم – عليه
السلام – وهو أولى الناس به ، وأول بيت وضع للناس ، ولحرصه
على أن تتميز الأمة الإسلامية في عبادتها عن الأمم .
• وقد صلى المؤمنون نحو المسجد الأقصى ستة عشرة شهرا
إلى أن نزل نسخ بقوله تعالى : ” قد نرى تقلب وجهك في
السماء فلنولينك قبلة ترضاها فول وجهك شطر المسجد الحرام
وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره.
• وللخالق – سبحانه وتعالى – حكمة وراء كل تشريع فهو
سبحانه أعلم بما يصلح عباده في الدنيا والآخرة وشرع من
الأحكام ما يفيدهم .
• وقد اختبر الله – تعالى – المسلمين واليهود في هذه الحادثة
في السمع والطاعة ، والتصديق ، والتجرد والعمل.
• ما أهم الدروس المستفادة من تحويل القبلة ؟
• أولا : تحويل القبلة إعجاز وتميز للأمة الإسلامية .
نتعلم الخصوصية والتميز ، وهو كل. ما يسعى إليه النبي -،
صلى الله عليه وسلم – ويدعو الله تعالى لأجل الحصول عليه –
فالخصوصية والتميز ضروريان للأمة الإسلامية في التصور
والاعتقاد ، وفي القبلة والعبادة وفي شخصية المسلم ، وفي
كل شيء في حياة المسلمين •
ثانيا :التجرد الكامل في السمع والطاعة لأوامر الله سبحانه وتعالى .
•المسلم الصادق يتبع تعاليم دينه ، دون جدال أو اعتراض ، وأما
المنافق يحاول اختلاق المشاكل ، ويكثر من السؤال ، لا يقصد
الفهم ، وإنما يقصد التشكيك والجدل ، ويتجرد المسلم في
الطواف حول الكعبة المشرفة ، فهو لا يقدس البناء لذاته ،
ولايقدس حجرا لا يسمع ولا يعقل ، وإنما يعبد ويعظم صاحب
البناء ورب البيت ، قال تعالى : ” فليعبدوا رب هذا البيت الذي
أطعمهم من جوع وأمنهم من خوف ” سورة قريش : الآيتان ٣ ،٤
•، ثالثا : مكان النبي – صلى الله عليه وسلم – عند ربه تبارك وتعالى:
• كانت الرغبة في تحويل القبلة تشغل عقل النبي وتفكيره
لكنه لم يصرح بها في دعائه ، ولم يحرك بها لسانه ، وقد
استجاب الله تعالى له وحقق له أمنيته ، وهذا يدل على مكانة
النبي ومنزلته عند ربه أن يحقق له مقصده ، دون أن يتلفظ به
والدليل الآيةالكريمة ” قد نرى تقلب وجهك في السماء ” •
• رابعا : أفضلية الأمة المحمدية :
• لقد شهد الله تعالى للأمة بالوسطية في قوله تعالى ؛ “
وكذلك جعلناكم أمة وسطا لتكونوا شهداء على الناس ويكون
الرسول عليكم شهيدا ” سورة البقرة : الآية ١٤٣ .
• والوسطية تعني الأفضلية والخيرية والرفعة ، فالأمة وسط
في كل شيء ، في العقيدة والشريعة والأخلاق والمعاملات
وهذا واضح جدا لكل من درس تعاليم الدين الإسلامي بالتفصيل
وخيرية الأمةأنها في مقام الشهادة والتعليم والتربية للآخرين
قال تعالى : كنتم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف
وتنهون عن المنكر وتؤمنون بالله ” سورة آل عمران : الآية ١١٠ .
• خامسا : أهمية الوحدة والاتحاد في الإسلام :
• المسلمون في الشرق والغرب يتجهون في الصلوات الخمس
اليوميةوفي فريضة الحج إلى بيت الله الحرام ، رغم اختلاف
الألسنة والجنسيات والألوان يجمعهم الدين الإسلامي الحنيف ،
وهذا ليعلم المسلم أنه لبنة في بناء كبير واحد مرصوص ، وفي
الحديث :
” المؤمن للمؤمن كالبنيان المرصوص يشد بعضه بعضا “
• فالمسلمون يتعلمون من وحدة القبلة وحدة الأمة في الهدف
والغاية ، وأن الوحدة والاتحاد ضرورة في كل شئون حياتهم
الدينية والدنيوية .
• دعاء :اللهم في ليلة النصف من شعبان في ليلة رفع أعمالنا
إليك اجعل صحائفنا بيضاء وبدل سيئاتنا إلى حسنات .
• اللهم إنا نسألك أن تأذن في ليلة النصف من شعبان المباركة
يرفع الوباء والبلاء وسوء الداء والحروب وأن يعم السلام والأمن
والأمان ربوع العالم أجمع ، اللهم أنزل علينا السكينة والدواء
وكامل الشفاءواحفظ علينا عافيتنا وصحتنا وأهلنا وأولادنا
وأحبابنا اللهم احفظ. – مصرنا وجميع بلاد العرب وسائر بلاد
المسلمين والعالم أجمعين .
• – سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم –
وصلاة وسلاما على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين •
كل عام ومصرنا الغالية وأمتنا العربية والإسلامية والعالم أجمع بخير وسلام.